فصل: فصل في ذكر الفضائل التي خصّ الله تعالى بها نبيّه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلّم وشرفه بها على جميع الأنبياء.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: كان {أصحاب الحجر} ثمود، قوم صالح.
وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الحجر: «لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين؛ فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال: «نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك بالحجر عند بيوت ثمود، فاستقى الناس من مياه الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، وعجنوا منها ونصبوا القدور باللحم، فأمرهم بإهراق القدور، وعلفوا العجين الإِبل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا فقال: إني أخشى أن يصيبكم مثل الذي أصابهم، فلا تدخلوا عليهم».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر: أن الناس لما نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر أرض ثمود، استقوا من أبيارها وعجنوا به العجين. فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهرقوا ما استقوا ويعلفوا الإِبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت ترد الناقة.
وأخرج ابن مردويه عن سبرة بن معبد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بالحجر لأصحابه: «من عمل من هذا الماء شيئًا فليلقه. قال: ومنهم من عجن العجين، ومنهم من حاس الحيس».
وأخرج ابن مردويه وابن النجار، عن علي بن أبي طالب في قوله: {فاصفح الصفح الجميل} قال: الرضا بغير عتاب.
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله: {فاصفح الصفح الجميل} قال: هو الرضا بغير عتاب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {فاصفح الصفح الجميل} قال: هذا الصفح الجميل، كان قبل القتال.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن عمر بن الخطاب قال: السبع المثاني، فاتحة الكتاب.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان من طرق، عن علي بن أبي طالب في قوله: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني} قال: هي فاتحة الكتاب.
وأخرج ابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن ابن مسعود في قوله: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني} قال: فاتحة الكتاب {والقرآن العظيم} قال: سائر القرآن.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن ابن عباس: أنه سئل عن السبع المثاني قال: فاتحة الكتاب، استثناها الله لأمة محمد، فرفعها في أم الكتاب فدخرها لهم حتى أخرجها ولم يعطها أحدًا قبله.
قيل: فأين الآية السابعة؟ قال: بسم الله الرحمن الرحيم.
وأخرج ابن الضريس عن سعيد بن جبير مثله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني} قال: دُخرَتْ لنبيكم صلى الله عليه وسلم، لم تُدَّخَرَ لنبي سواهـ.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان، عن ابن عباس في قوله: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني} قال: هي أم القرآن، تثنى في كل صلاة.
وأخرج ابن الضريس وأبو الشيخ وابن مردويه، عن أبي هريرة قال: السبع المثاني، فاتحة الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب قال: السبع المثاني، الحمد لله رب العالمين.
وأخرج ابن الضريس عن يحيى بن يعمر وأبي فاختة في قوله: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم} قالا: هي فاتحة الكتاب.
وأخرج ابن الضريس عن مجاهد في قوله: {سبعًا من المثاني} قال: هي أم الكتاب.
وأخرج ابن جرير عن الحسن مثله.
وأخرج ابن الضريس وابن جرير، عن قتادة في قوله: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني} قال: فاتحة الكتاب، تثنى في كل ركعة مكتوبة وتطوّع.
وأخرج ابن الضريس عن أبي صالح في قوله: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني} قال: هي فاتحة الكتاب، تثنى في كل ركعة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق الربيع، عن أبي العالية في قوله: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني} قال: فاتحة الكتاب سبع آيات، وإنما سميت {المثاني} لأنه ثنى بها، كلما قرأ القرآن قرأها. قيل للربيع: إنهم يقولون السبع الطول. قال: لقد أنزلت هذه الآية، وما نزل من الطول شيء.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني} قال: السبع الطول.
وأخرج الفريابي وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان، عن ابن عباس في قوله: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني} قال: هي السبع الطول، ولم يُعْطَهُنَّ أحدٌ إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وأعطي موسى منهن اثنتين.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم {سبعًا من المثاني} الطول، وأوتي موسى ستًا، فلما ألقى الألواح، ذهب اثنتان وبقي أربعة.
وأخرج الدارمي وابن مردويه عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فاتحة الكتاب هي السبع المثاني».
وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس في قوله: {سبعًا من المثاني} قال: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس.
وأخرج سعيد بن منصور وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان، عن سعيد بن جبير في قوله: {سبعًا من المثاني} قال: السبع الطول: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس.
فقيل لابن جبير: ما قوله: {المثاني} قال: ثنى فيها القضاء والقصص.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن عباس في قوله: {سبعًا من المثاني} قال: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والكهف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان {المثاني} المئين: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف وبراءة والأنفال سورة واحدة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي من طريق سعيد جبير، عن ابن عباس في قوله: {سبعًا من المثاني} قال: السبع الطول. قلت: لم سميت {المثاني}؟ قال: يتردد فيهن الخبر والأمثال والعبر.
وأخرج ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس في قوله: {سبعًا من المثاني} فاتحة الكتاب والسبع الطول منهن.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن زياد بن أبي مريم في قوله: {سبعًا من المثاني} قال: أعطيتك سبعًا أخر أؤمر وأنه وبشر وأنذر واضرب الأمثال واعدد النعم واتل نبأ القرون.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن أبي مالك قال: القرآن كله مثاني.
وأخرج آدم بن أبي إياس وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي، عن مجاهد في قوله: {سبعًا من المثاني} قال: هي السبع الطول الأول {والقرآن العظيم} سائره.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي، عن ابن عباس قال: {المثاني} ما ثني من القرآن. ألم تسمع لقول الله {الله نزل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثاني} [الواقعة: 16].
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: {المثاني} القرآن، يذكر الله القصة الواحدة مرارًا. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)}
قوله تعالى: {إِلاَّ بالحق}: نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ، أي: خَلْقًا ملتبسًا بالحقِّ. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
قوله جلّ ذكره: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ}.
دلَّت الآيةُ على أنَّ أكسابَ العباد مخلوقةٌ لله ألأنها بين السموات والأرض.
قوله جلّ ذكره: {إِلاَّ بِالحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لأَتِيَةٌ}.
{إِلاَّ بِالحَقِّ}: أي وأنا مُحقٌّ فيه ويقال: {بِالحَقِّ}: بالأمرِ العظيم الكائن إنْ الساعة لآتيةٌ يعني القيامَةَ.
قوله جلّ ذكره: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الجَمِيلَ}.
يقال الصفح الجميل الذي تذكر الزَّلَّةُ فيه.
ويقال الصفح الجميل سحبُ ذيل الكَرَمِ على ما كان مِنْ غير عَقْدِ الزَّلَّة، بلا ذِكْرٍ لما سَلَفَ من الذنب، كما قيل:
تعالوا نصطلح ويكون مِنَّا

ويقال الصفح الجميل الاعتذار عن الجُرْم بلا عدِّ الذنوب من المجرم، والإقرار بأن، الذنب كان منك لا من العاصي، قال قائلهم:
وتُذْنِبون فنسي ونعتذر

{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86)}
{هُوَ الخَلاَّقُ العَلِيمُ} إذ لا يصح الفعل بوصف الانتظام والاتساق من غير عالِم.
{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)}
أكثَرُ المفسرين على أنها سورة الفاتحة، وسميت مثاني لأنها نزلت مرتين: مرة بمكة ومرة بالمدينة، ولأنها شيء في كل صلاةِ يتكرر، من التثنية وهي التكرير، أو لأن بعضها يضاف إلى الحق وبعضها يضاف إلى الخلق، ومعنى هذا مذكور في كتب التفاسير. اهـ.

.فصل في ذكر الفضائل التي خصّ الله تعالى بها نبيّه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلّم وشرفه بها على جميع الأنبياء.

قال المقريزى:
اعلم أن الله تعالى فضّل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلّم بفضائل عديدة ميّزه بها وشرّفه على من عداه من الأنبياء عليهم السلام، فجعله رحمة للعالمين، ولم يخاطبه باسمه وإنما خاطبه بالنّبوّة والرسالة التي لا أجلّ منها ولا أعظم، ونهى تعالى الأمة أن يخاطبوه باسمه، ودفع عنه ما قذفه به المشركون، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولم يذكر له ذنبا ولا زلة، وأخذ الميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا به إن أدركوه، وأمر الناس أن يتأسوا به فعلا وقولا، وفرض طاعته على الكافة، وقرن اسمه تعالى باسمه، وقدم نبوته قبل خلق آدم عليه السلام، ونوه باسمه من عهد آدم، وشرّف أصله، وكرّم حسبه ونسبه، وطيب مولده، وسماه بخير الأسماء، وأقسم بحياته، وأفرده بالسيادة يوم القيامة على جميع الأنبياء، فآدم ومن دونه تحت لوائه، وخصّه بالشفاعة العظمى يوم الفزع الأكبر وبالحوض المورود، وجعله أعظم الأنبياء تبعا، وأعطاه خمسا لم يعطهن أحدا قبله، وبعث بجوامع الكلم، وأولى مفاتيح خزائن الأرض، وأمدّه الله بالملائكة حتى قاتلت معه، وختم به الأنبياء، وجعل أمته خير الأمم، وذكره في كتب الأنبياء وصحفهم، وأنطق العلماء بالبشارة به حتى كانت بعثته صلى الله عليه وسلّم تنتظرها الأمم، وسمع الأخبار بنبوته صلى الله عليه وسلّم من هواتف الجن ومن أجواف الأصنام ومن رجز الكهان، صلى الله تعالى عليه وعلى جميع الأنبياء وعظّم وكرّم.
فأما أنه صلى الله عليه وسلّم رحمة للعالمين فقد قال تعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ} 21: 107، وذلك أن أعداءه أمنوا من العذاب مدة حياته، قال تعالى: {وَما كانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} 8: 33، فلم يعذبهم الله تعالى حتى ذهب عنهم إلى ربه، فأنزل بهم ما أوعدهم من قبل وأشد، وذلك قوله تعالى: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ} 43: 41.
خرج الحرث بن أبي أسامة من حديث على بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «بعثني الله رحمة وهدى للعالمين»، وهو هدي الدعاء والبيان.
ورواه محمد بن إسحاق من حديث الفرح بن فضالة عن علي بن يزيد به ولفظه: «إن الله بعثني رحمة للعالمين وهدى للمتقين»، وهو هدى التعريف والاستهداء.
وقال يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله، ألا تدعو على المشركين؟ قال: «إنما بعثت رحمة ولم أبعث عذابا»، فإن قيل: كيف يكون رحمة للعالمين وقد أنزل بمن عاداه الذل والصّغار، فحطّم بعد الرفعة، وأهانهم بعد المنعة، وصيرهم بعد الملك إلى الهلك، بأن حوى أموالهم، وسبى حريمهم، وملك معاقلهم، وقتل حماتهم، ثم إن أصحابه من بعده دوخوا ممالك الأرض بدعوته، فاجتاحوا العرب من بني حنيفة وغيرهم عند ارتدادهم عن ملته، ومزقوا ملك كسرى وملك فارس، وأذلوا الفرس، وشردوا قيصر ملك الروم عن الشام والجزيرة، وقتلوا الروم والفرس أبرح قتل، وغلبوا قبط مصر وجبروهم أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون بعد ما ملكوا ديارهم وأموالهم بمصر، وأزاحوا البربر عن بلاد المغرب وانتزعوها منهم ومن القوط الجلالقة، فلم يتركوا نوعا من أنواع العذاب حتى أحلّوه بمن ذكرنا من الأمم، وهم سكان البسيطة ومعظم الخليقة من البشر؟.
قلنا: هذا اعتراض من لم ترض نفسه بالحكمة، حتى غفل عن ترتيب حكمة الباري تعالى في مصنوعاته، ولم يعلم ما تعطيه حقائق الأشياء، وذلك أن المحالّ إنما تقبل على قدر الاستعداد المهيأ فيها، وبيان ذلك أن الله تعالى وصف كتابه العزيز بأنه هدى للناس، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ} 2: 185، وهذا عام مطّرد باعتبار القوة والصلاحية، أي في قوته وصلاحيته أن يهدي جميع الناس، وهو عام مخصوص بمن لم يهتد باعتبار الفعل، إذ كثير من الناس لم يهتد به، ثم وصف تعالى كتابه بوصفين متضادين في وروده على الناس بحسب قبول قلوبهم له على قدر استعدادها، قال تعالى: {وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ من يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيمانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيمانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ} 9: 124- 125، وقال تعالى: {وَنُنَزِّلُ من الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسارًا} 17: 82، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ في آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ من مَكانٍ بَعِيدٍ} 41: 44، فانظر- أعزك الله- كيف كانت عين القرآن واحدة، وأثره في قلوب الناس مختلف، فيزيد المؤمن به إيمانا على إيمانه، ويزداد به الكافر كفرا على كفره حتى يموت كافرا، وانظر كيف تكون شفاء ورحمة لقوم وخسارا لآخرين، وكيف يهتدي به قوم ويكون عمى على قوم؟، وذلك بحسب ما أعطاه الله من الاستعداد والمهيأ للقبول، وقد كشف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم قناع هذا المعنى ببليغ بيانه:
فخرج البخاري..
[1]. قال المقريزي- رحمه الله- بعد أن ساق هذا الحديث اللفظ لمسلم، ولفظ مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو عامر الأشعري، ومحمد بن العلاء واللفظ لأبي عامر، قالوا: حدثنا أبو أسامة، عن بريد عن أبي بردة، عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن مثل ما بعثني به الله عزّ وجلّ من الهدى والعلم، كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلا والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا منها، وسقوا، ورعوا، وأصاب طائفة منها أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه بما بعثني الله به، فعلم، وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الّذي أرسلت به». مسلم بشرح النووي: [16/ 51 – 53]، كتاب الفضائل، باب [5]، بيان مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلّم من الهدى والعلم، حديث رقم [2282]. أما الغيث فهو المطر، وأما العشب والكلأ والحشيش، فكلها أسماء للنبات لكن الحشيش مختص باليابس والرطب، وقال الخطابي وابن فارس: الكلأ يقع على اليابس، وهذا شاذ ضعيف، وأما الأجادب- فبالجيم والدال المهملة- وهي الأرض التي تنبت كلأ، وقال الخطابي هي الأرض التي تمسك الماء، فلا يسرع فيه النضوب.